Saturday, August 30, 2014

ماذا إذا صعدت إلى سطح القمر؟

                             بسم الله الرحمين الرحيم 

Wikimedia  Commons :القمر
منذ عدة أيام وقع تحت يدى حوارا أجرته هيئة الإذاعة البريطانية BBC مع  جين سيرنان، قائد المركبة الفضائية أبوللو 17، وآخر شخص مشى على سطح القمر، خلال متابعتى لكلمات سيرنان، قفز إلى ذهنى سؤالا مفاجئا " ماذا لو كنت مكان جين سيرنان و كنت أنا من صعدت إلى سطح القمر، كيف سأشعر و أنا أرى هذا العالم الجديد، كيف سأنظر إلى الإنسان، الحياة، الحضارة، الأرض و الكون، هل ستتغير حياتى بعد ذلك، هل سأظل كما أنا!

و أثناء تلاحق تلك الأسئلة فى ذهنى وجدت نفسى تخطو قدماى نحو باب مركبة الفضاء محاولة فتحه ونبضات قلبى تتسارع من الإثارة و ها أنا أقف على درجات المركبة و قد أصبت بما يسمى رهبة الموقف، أنظر للسماء فأرى سوادا واسعا ممتدا تتناثر فيه النجوم كنقاط بيضاء فأشعر بالضآلة و أشعر أنى صغيرة جدا أمام هذا الكون الهائل، من أنا، من أكون؟ و بينما أنا هكذا أجدنى قد أفقت و أحد الزملاء يحثنى  على الإسراع بالهبوط  حتى ينزل باقى أفراد الفريق!

كان على كل فرد من أفراد الفريق القيام بعمل معين و كانت المهمة التى أسندت لى هى جمع عينات من تربة القمر، كان السير على سطح القمر غريبا، فبالإضافة إل  جاذبيته التى تبلغ سدس جاذبية الأرض كانت هناك حالة الذهول التى أصابتنى عندما فتحت باب المركبة، ما زلت أفكر فى الإنسان و فى الكون و فى الرابط بينهما، ما هو الكون بالنسبة إليه، ماذا يمثل له، هل هو مجرد سماء تظله و نجوم لامعة يراها أم هو وطنه الأكبر، هل يشعر بالانتماء إليه، هل يشعر أنه جزء منه، هل يشعر بوحدة مع كل ما يحتويه الكون من مجرات و نجوم و كواكب و لأصغر كويكب فيه!

صورة الأرض من على سطح القمر
Wikimedia  Commons
 
كنت ما زلت منهمكة فى جمع العينات عندما حانت منى التفاتة إلى السماء فرأيت جسما كبيرا  لونه أزرق، كان أكبر ما أراه فى السماء،  أدركت أنى  أرى الوطن، أرى أم الإنسان، أرى الأرض، كنت بالفعل أقف مشدوهة من هذا المشهد، كنت أذكر نفسى بأننى لا أحلم و أننى فعلا أرى الأرض من على سطح القمر و ليس العكس، أرى الجرم الفضائى الوحيد العامر بالحياة فى هذا الفضاء الفسيح، أرى المكان الأوحد (حتى الآن) الذى تسكنه مخلوقات عاقلة، على الرغم من كون الإنسان لا يمثل شيئا مقارنة بالكون، لكنه و بكل فخر هو الكائن الوحيد الذى يتمتع بذكاء فيه، قد يسخر الإنسان ما فى الكون لخدمته و لكن الكون لا يستطيع فعل ذلك، نعم قد يثور علينا و قد لا نأمن غضبه كأن يرسل علينا عاصفة شمسية عنيفة تعيد الأرض إلى القرون الوسطى أو أن يسقط علينا كوكيبات ضخمة كالتى سقطت على الأرض و أفنت الديناصورات من قبل كما يعتقد أو أن تصطدم إحدى المجرات بمجرتنا فتختفى الأرض و من عليها، نعم قد يحدث كل ذلك و لكن يظل الكون غير عاقل مسير و ليس بمخير، لا أحاول المقارنة بين الإنسان و الكون و لكن إيجاد العلاقة بينهما. 

فى أثناء كل ذلك،كان هناك شعور يملئ قلبى مصاحبا لى فى كل خطواتى، كنت أشعر بعظمة الخالق سبحانه و تعالى و بقدرته التى لا حدود لها، أستحضر طلاقة  صفات الله عز و جل فيزول عنى العجب من شدة اتساع و كبر حجم هذا الكون و يصبح ناتج منطقى لصفاته سبحانه و تعالى، كان صدرى يختلج بمشاعر إيمانية عالية حتى أننى و جدت نفسى لا إراديا أسجد إلى الله شكرا له و فى خضم هذه الأحاسيس الجميلة سألت نفسى هذا السؤال" هل رحلات الإنسان إلى الفضاء ستزيده غرورا أم تواضعا، هل سيعرف الله أكثر أم يزداد تجبره وفرحه و زهوه بقوته و ينسى آيات الله عز و جل التى تغمر الكون"، الأيام وحدها ستخبرنا.

عندما اقترب ميعاد رحلة العودة إلى الأرض و جدت نفسى أنظر نظرة أخيرة إلى القمر قائلة له" لست أدرى إن كنت سأراك مرة أخرى و لكنى أعلم أن حياتى قد تغيرت إلى الأبد".

No comments:

Post a Comment