Saturday, June 30, 2012

تحيز الذاكرة


 أولا:قصة بدائية مستوحاة من الخيال
أحمد وعلاء زميلان فى نفس الجامعة و نفس الكلية، مثل العديد من الزملاء و الأصحاب تحدث بينهما مواقف أحيانا مبهجة و مرحة و أحيانا أخرى بها مشادات و اختلافات و فى إحدى تلك المرات حدث نقاش تطور إلى جدل حاد و صوت مرتفع و فى النهاية غادر كل منهما صاحبه و هو ينوى ألا يحدثه مرة أخرى. ذهب أحمد إلى منزله وهو تبدو عليه علامات الغضب فوجد والده فى استقباله فحكى له ما حدث و عن قراره بإنهاء صداقته مع علاء فطلب منه والده أن يذهب ليأخذ قسطا من الراحة و بعد ذلك يجلس يفكر فيما حدث و حتى لو كان علاء هو المخطئ فليحاول أن يسترجع ذكرياته مع علاء . بعدما ارتاح أحمد و ذهب الغضب عنه عمل بنصيحة والده و هو لا زال يحمل فى نفسه ضيقا من صديقه علاء و قرارا بمقاطعته فبدأ فى تذكر علاقاته بعلاء واسترجع الأيام الجميلة و تذكر أيضا المواقف الغير سارة و بعدما انتهى من التذكر و جد و أن شعوره بالضيق من صاحبه قد قل وأن قرار إنهاء الصداقة قد زال!


ثانيا : أجب عن الأسئلة التالية
أ-لماذا كان احمد مصرا على إنهاء علاقته بصديفه علاء؟
جزء من الإجابة على ذلك هو ما يسمى تحيز الذاكرة أو Memory Bias و تعريفها كما هو مذكور فى ويكيبديا أنها تحيز معرفى أو سلوكى يقوى او يضعف من تذكر بعض الأحداث و يوضح ذلك أكثر الباحث فى علم النفس Jeremy Dean  فى  مدونته "PYSBLOG "فى مقال  بعنوان"See How Easily You Can Avoid The Memory Bias" بأن القرارات التى نأخذها فى المستقبل تقع تحت تأثير مواقف الحياة الجيدة جدا أو السيئة جدا لذا كان قرار أحمد بمقاطعة صديقه  مبنيا على المواقف شديدة التطرف التى حدثت بينه و بين علاء وآخرها الحدث الأخير.

ب- لماذا غير أحمد رأيه بعدما استرجع ذكرياته؟
يمكن التعرف على السبب من خلال التجربة التى ذكرها الباحث Jeremy Deanوذكرنتائجها ( فى نفس المقال المذكور أعلى) عن تجربة أجريت فى جامعة هارفارد، حيث قام العلماء بالآتى: ٦٢ راكب لمترو الأنفاق طلب منهم أن يتذكروا حدث عن فقدان القطار فى الماضى و بعد تصنيفهم فى ثلاتة مجموعات وجه إليهم السؤال كالآتى :

١ - مجموعة"المتذكرين الأحرار" تم الطلب منها أن تصف مثال على حدث فقدت فيه ميعاد القطار.
٢ -مجموعة "المتذكرين المتحيزين" ، طلب منها وصف أسوأ مثال على فقدان القطار.
٣ -"المتذكرين المتنوعين" طلب منهم تذ كر ثلاثة أمثلة على فقدان القطار فى الماضى.

و بعد ذلك طلب منهم أن يوضحوا عن ما كانوا يشعرونه أثناء حوادث فقدان 
القطار(سعداء أم غير ذلك).

وجد الباحثون ان كلا من المجموعة الأولى و الثانية تذكروا بالتساوى ذكريات سيئة لفقذانهم القطار و لكن المجموعة الأخيرة التى تذكرت ثلاتة أمثلة على فقدان القطار تذكرت على الأقل حادث واحد سعيد . ما تشير إليه تلك التجربة أن الإنسان عندما يترك حرا لتذكر تجربة معينة فإنه يتذكر الأسوء بطريقة طبيعية سواء حاول عمدا أم لا كما فى حالة المجموعة الأولى "المتذكرين الأحرار" بينما إذا طلب منه أن يتذكر أكثرمن حادث فإنه سيتذكر على الأقل ذكرى واحدة جيدة (هل علمتم الآن لما طلب والد أحمد من ابنه ان يسترجع ذكرياته مع صاحبه).

إن تذكر أكثر من مثال عن ذكرى معينة يجعلنا حياديين فى الحكم على الأمور( و هذا ما جعل أحمذ يغير رأيه بعدما تذكر علاقته مع زميله من بدايتها).


عندما قرأت عن تحيز الذاكرة أول مرة خطر فى ذهنى عن  عدد  الأشخاص الذين من المحتمل يخسرون بعض بسببها , إن العديد منا لا يدرك أن للدماغ خدع عديدة و فى رأيى ربما يكون إحسان الظن بالآخرين و تلمس الأعذار لهم و العفو عنهم يساهم فى التغلب على هذه الخدع.

النهاية: الحمد لله سعيدة
عادت العلاقة إلى طبيعتها بين الصديقين !