Saturday, February 15, 2014

الذرة: ديمقريطيس

               
                           بسم الله الرحمن الرحيم


هل تتذكر تلك اللحظات التى كنت تلهو فيها بتمزيق بعض الأوراق أو  كسر بعض الألعاب ثم سألت نفسك إلى أى مدى يمكنك أن تمزق الورقة أو تكسر اللعبة. إنها لحظات قد يكون العديد منا مر بها و هو طفل ثم و جد إجابة لسؤاله هذا من خلال تقدمه فى مراحل الدراسة.

هذا السؤال الذى دار فى أذهاننا و نحن أطفال دار فى أذهان بعض الفلاسفة المفكرين و العلماء عبر التاريخ و لكن بعضهم لم تكن الإجابة متيسر الحصول عليها من خلال الدراسة مثلنا بل هو من حاول أن يبحث عن الإجابة من خلال التفكير أو البحث و التجربة.
Wikimedia  commons    ديمقريطيس


يخبرنا التاريخ  أن  من أوائل الذين حاول البحث عن إجابة لهذا السؤال كان الفيلسوف الإغريقى ديمقريطيس منذ ٢٤٠٠ عام (تأثر ديمقريطيس  بأفكار معلمه لوسيبس عن طبيعة المادة) ، فقد طرح على نفسه هذا السؤال " هل يمكن أن تظل المادة تنقسم  إلى قطع أصغر منها إلى الأبد؟" و كانت الإجابة التى و جدها "لا" لا بد أن نصل إلى حد لا يمكن أن تنقسم معه المادة إلى أجزاء أصغر منها.سمى هذا الجزء الذى لا يمكن تقسيمه إلى قطع أصغر منه  أتوموس ( Atomos ) أى الغير قابل للقطع[١].



 تبعا لنظرية ديمقريطيس فإن  الذرات  صغيرة، جامدة، كلها  مكونة من نفس المادة ، مختلفة فى الشكل و الحجم يفصل بينها فراغ، عددها لا نهائى [١،٢].

اعتقد ديمقريطيس أن خواص المواد تتحدد بناء على أشكال ذراتها فمثلا الأشياء ذات الطعم الحلو مكونة من ذرات ملساء و ذات الطعم الحمضى مكونة من ذرات مدببة الشكل و ذات حواف[٣] و  ذرات السوائل كالماء مكونة من كرات كروية الشكل و الجوامد كالمعادن مكونة من مربعات و هكذا[٤].

جدير بالذكر أن نموذج ديمقرطيس عن الذرة ليس ثمرة بحث مبنى على المنهج العلمى الحديث بل هو نتاج أقكار فلسفية و لكنها تعد الأقرب للتصور العلمى الحديث عن الذرة.

من المؤسف أن مفهوم الذرة الذى جاء به ديمقريطيس لم يوثر فى معاصريه  من الإغريق  بل  إن أرسطو  الذى جاء بعده بمائة عام عارض هو أيضا أفكاره عن طبيعة المادة و وضع تصور مغاير لتصور ديمقريطيس عنها[٥]. هذا الإهمال فى البحث عن كينونة المادة استمر قرون طويلة جدا فقد استمر حتى  بدايات القرن التاسع  عشر، حيث ظاهر عالم واعد أعاد أفكار ديمقرطيس عن الذرة مرة أخرى إلى السطح[٥]. هذا العالم هو الإنجليزى جون دالتون (John Dalton )  الذى نتحدث عن مجهوده فى معرفة طبيعة المادة فى   تدوينة قادمة إن شاء الله.

No comments:

Post a Comment