Thursday, February 28, 2013

دراسة عن التعليقات و الاستقطاب

                                                             بسم الله الرحمن الرحيم


كنت قد تحدثت فى مقال سابق عن المدونين الذين لا ينتهجون أسلوبا أخلاقيا فى نقد قرائهم و اقترحت على القارئ ما يستحسن له أن يفعله ليتجنب أمثال هؤلاء الكتاب, اليوم سأناقش العكس, سأتحدث عن القراء أو المعلقين الغير مهذبين. فى الحقيقة ربما يكون ضررهم أشد و أعظم ممن يكتبون. فى الإنجليزية يطلقون على أمثال هؤلاء المعلقين Trolls و يعنون بها المعلقين الذين لا هدف موضوعى لتعليقاتهم على الموضوع محل النقاش, الذين يستخدمون ألفاظ جارحة و كلمات بذيئة فى الرد على من يخالفهم فى الرأى و االذين يهدفون فى النهاية إلى تشويه القضية أو الموضوع محل الجدل.


موضوع المعلقين المسيئن شغل أذهان بعض علماء المناخ كما ذكرفى io9  فقضية تغير المناخ خصوصا ( الأغلبية العظمى من العلماء توقن بالفعل من حقيقة تأثير الإنسان على تغيير المناخ و ارتفاع درجة حرارة الآرض) تعانى من هجوم ما يسمون Climate Deniers أو منكروا التغير المناخى, فعندما تطرح أخبار التغير المناخى فى موقع ما من الانترنت يقوم هؤلاء المنكرون بشن حملة من التعليقات الجارحة على هذا الموضوع, مما دعى علماء المناخ للقلق من تأثير تلك التعليقات على جمهور القراء العاديين الغير متخصصين و فهمهم للعلم.

بحسب الدراسة الآتية قام باحثون من من مركز دراسة المناخ بجامعة  George Mason و معاهد أخرى بدراسة تأثير التعليقات الجارحة على استيعاب القراء لتقنية النانو فقاموا باستقصاء آراء ما يزيد على ألف أمريكى بعدما قرأوا مقالا متوازنا عن مخاطر تقنية النانو و بعدما تعرضوا أيضا لقراءة التعليقات الغير مهذبة التى كتبت تعليقا على هذا الموضوع. كان ما وجدوه ببساطة هو"الاستقطاب" بمعنى أن من كان يرى أن مخاطر تقنية النانو قليلة و لكنه ليس شديد الاقتناع برأيه فبعد قراءة التعليقات السيئة ازداد اقتناعا برأيه و من كان يرى أن مخاطرها كبيرة بعد قراءة التعليق الجارح تمسك بقناعاته عن الموضوع أكثر.

التعليقات المسيئة تبعا لهذه الدراسة تزيد الاستقطاب فى مدى ادراك القراء أو العامة لأحد المواضيع العلمية, نتيجتها كما قرات تصلح للتطبيق فى مجالات أخرى غير العلم. أى مثلا فلنتصور موضوعا مثل الإعلان الدستورى الذى آثار الكثير من الجدل فى مصر خلال شهر ديسمبر الماضى , هل القارئ العادى يستطيع أن يستفيد من مقال متوازن يكتب عن هذا الموضوع إذا قرأ التعليقات الجارحة أو المستعدية المكتوبة عليها, الحقيقة تبعا لهذه الدراسة هو لن يستفيد بل سيزداد تمسكا لرأيه مهما كان هذا الرأى.

موضوع التعليقات هذا لفت نظري بشدة للاستقطاب الحادث فى حياتنا السياسية فى مصر فصفحات الفيسبوك و تويتر و المواقع الإخبارية تمتلئ بكافة المشاركات الغير مهذبة و التى ليس الهدف منها ليس نشر الحقيقة بل الانتصار للنفس و إغاظة الآخرين. ليس الإعلام وحده هو من يصنع الاستقطاب بل نحن أيضا نصنعه أو بعضنا على الأقل هو من يقوم بذلك بكل براعة.

No comments:

Post a Comment