Monday, April 28, 2014

هل حقا نحن نفعل الشر بسهولة ؟

                          بسم الله الرحمن الرحيم

إذا كانت إجابتك بنعم فهذا ما قد تشير إليه تجربتين مشهورتين جدا فى علم النفس هما تجربة ميلجرام و تجربة سجن ستانفورد  لكن هل تلك الإجابة  صحيحة؟ سنناقش ذلك السؤال لاحقا بعد أن نتعرض بإيجاز شديد لتلك التجارب.  

كان ميلجرام مشغولا بمعرفة إجابة السؤال الآتى:
هل تتسبب السلطة فى أن يتحول الأخيار من الناس إلى ارتكاب فظائع و انتهاكات للحقوق الآخرين؟ بمعنى آخر هل يطيع الناس السلطة طاعة عمياء ؟  فى سبيل التحقق من إجابة ذلك السؤال قام بإجراء تجربة أخضع فيها عدد من المتطوعين للقيام بدور المعلم الذى يعاقب التلميذ إذا أخطأ بتعريضه لصدمات كهربائية قد تصل شدتها إلى ٤٥٠  فولت بناء على تعليمات المشرفين على التجربة ( التلميذ ليس مشاركا فى التجربة بل هو ممثل و الصدمات الكهربائية غير حقيقية و لكن  المشاركون لا يعرفون ذلك )[١] .

ما وجده ميلجرام كان مثار دهشة له فالمشاركين استمعوا إلى تعليمات المشرفين على التجربة تماما حتى و صلوا إلى ٤٥٠ فولت!! تشكك ميلجرام فى نتيجة هذه التجربة واعتقد أنه لو أجريت تلك التجربة على بعض من العامة لأتت بنتائج مختلفة, ربما المشكلة فى المنتمين لجامعة ييل الأمريكية, لكن فى الواقع عندما أعاد الدراسة مرة أخرى حصل على نتائج مشابهة[١]!!

 فى تجربة سجن ستانفورد حاول الباحث فيليب زيمباردو دراسة تأثير الظروف الصعبة والأحوال الغير إنسانية فى تحويل البشر من أخيار إلى أشرار، بمعنى آخر هل بعض الظروف تجبرنا أحيانا على ارتكاب فظائع قد نرفض القيام بها فى الأحوال العادية، أى أنه يمكننا أن نعذب أو نقتل أناس آخرين إذا اضطرتنا الظروف إلى ذلك[٢].

أخضع زيمباردو مجموعة من الطلاب لتجربة يقوم فيها بعضهم بدور الحراس و بعضهم الآخر بدور المسجونين لعدة أيام. وجد زيمباردو نتائج صادمة فقد أجبر الحراس المسجونين على النوم على الأرض و خلع ملابسهم و فى خلال أيام قليلة تحول الحراس إلى أناس ساديين[٢].

مع تلك النتائج المؤلمة من التجربتين آنفتى الذكر قد يميل البعض إلى الاعتقاد بأن حب الشر و إيذاء الآخرين يعد شيئا طبيعيا بالنسبة للبشر، لكن فلنتمهل قليلا فبعض الدراسات الحديثة تشير إلى أن تلك استنتاجات خاطئة!!

 فيما يخص تجربة ميلجرام، قام كل من الباحثين Stephen Reicher و Alex Haslam بعمل ورقة بحثية توصلا فيها إلى أن المشاركين فى التجربة لم يكونوا يطيعوا أوامر المشرفين على التجربة عميانيا بلا تفكيرأو لأنهم فى موضع السلطة لكن  بسبب و جود حافز على ذلك (إجراء تجربة علمية و هدف نبيل كخدمة العلم) و بسبب القادة( المشرفون على التجربة خبراء و يعلمون أكثر من الجميع، لذلك من الطبيعى طاعة أوامرهم). فقد وجدا على سبيل المثال أنه عندما يجد المتطوعون أن المشرفين على سير التجربة ليسوا علماء متخصيين أو أن يتجادلوا أمامهم كانت طاعتهم للأوامر منخفضة[١]. 

أيضا عندما قام العالم Thomas Blass بإعادة فحص ال٢١ نسخة من تجربة ميلجرام وتفحص السمات الشخصية لمن يطيعون الأوامر و يقومون بإعطاء صدمات كهربائية مؤلمة و جدهم أناس سلطويين أى محبين للتسلط على الآخرين[٢].

أما تجربة سجن ستانفورد فقد وجد عالما النفس  Thomas Carnahan و Sam McFarland عندما قاما بإعادة فحص نتائج التجربة  أن المشاركين فى تجربة الإقامة فى  السجن قد أحرزوا نقاطا أعلى فى الصفات الآتية مقارنة بأقرانهم فى تجربة علم نفس عامة[٢ ]:
١ - ٢٧ % أعلى فى العدائية.
٢ - ١٠ % أعلى فى حب التسلط.
٣ - ١٠ % أعلى فى عدم الممانعة فى استغلال الآخرين.
٤ - ١٢ % أعلى فى النرجسية.
٥ - ٢٦ %  أعلى فى الهيمنة الاجتماعية أو الإيمان بأهمية الطبقية فى المجتمع.
٦ - ٧ % أقل فى التعاطف مع الآخرين.
٧ - ٦ % أقل فى الإيثار و تفضيل الآخرين على الذات.


لا شك فى أن الظروف و السلطة تؤثر فينا جميعا لكن السؤال  المثير للجدل هل التأثير يصل إلى حد مخالفة الضمير و ارتكاب انتهاكات فى حق الآخرين عميانيا، لا أعتقد ذلك على الإطلاق، خذ على سبيل المثال موظف يعمل فى شركة و ظروفه المالية سيئة و عرض رئيسه فى العمل عليه قبول رشوة من أجل تمرير عمل مخالف، تعتقد من سيوافق و يقبل ذلك المال الحرام، هل يمكن  أن يقبله إنسان صاحب ضمير حى و يخشى الله  بسبب سلطة المدير او بسبب الظروف  بدون تفكير(راجع تجربة ميلجرام و تجربة سجن ستانفورد) أم من سيقبله على الأرجح إنسان صاحب وازع دينى وضمير أخلاقى منخفض!!


 المصادر: 
1 - Stanley Milgram taught us we have more to fear from zealots than zombies
2- Do Good People Turn Evil 



No comments:

Post a Comment